كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا عُرِفَ مِنْ حَالِهِمْ فِي الْقُرْآنِ، وَفِي التَّارِيخِ وَالْعَيَانِ، وَمِثْلُ هَذَا الْحَذْفِ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ، وَكَلِمَةُ مَا الْفَاصِلَةُ بَيْنَ الْبَاءِ وَقَوْلِهِ: {نَقْضِهِمْ} تُفِيدُ التَّأْكِيدَ سَوَاءٌ كَانَتْ مَزِيدَةً فِي الْإِعْرَابِ، أَوْ نَكِرَةً تَامَّةً وَمَجْرُورَةً بِالْبَاءِ، ونَقْضِهِمْ بَدَلٌ مِنْهَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [4: 160] كَأَنَّهُ قَالَ: فَبِسَبَبِ نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ، وَكُفْرِهِمْ، وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ، وَقَوْلِهِمْ: قُلُوبُنَا غُلْفٌ، وَبِكُفْرِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِعِيسَى، وَافْتِرَائِهِمْ عَلَى أُمِّهِ، وَتَبَجُّحِهِمْ بِدَعْوَى قَتْلِهِ، وَبِظُلْمِهِمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَأَحْكَامِهِمْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ إِلَخْ. فَيَكُونُ قَوْلُهُ، تَعَالَى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ} إِلَخْ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} وَمِثْلُ هَذَا مَعْهُودٌ فِي الْكَلَامِ إِذَا طَالَ، وَلَكِنِ اعْتُرِضَ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لَا الْإِعْرَابِ، وَذَلِكَ أَنَّ تَحْرِيمَ تِلْكَ الطَّيِّبَاتِ عَلَيْهِمْ كَانَ قَبْلَ هَذِهِ الْجَرَائِمِ الَّتِي مِنْهَا قَتْلُ الْأَنْبِيَاءِ، وَبَهْتُ الْمَسِيحِ وَوَالِدَتِهِ الْعَذْرَاءِ، وَأَنَّ تَحْرِيمَ بَعْضِ الطَّيِّبَاتِ عَلَيْهِمْ عِقَابٌ قَلِيلٌ لَا يُقَابِلُ هَذِهِ الْمُوبِقَاتِ كُلِّهَا. بَلْ هُوَ قَلِيلٌ عَلَى أَيِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، فَهُوَ إِنَّمَا كَانَ جَزَاءً عَلَى مَا دُونَ هَذِهِ الْمُوبِقَاتِ مِنْ ظُلْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} فَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِيهِ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ غُلْفٌ جَمْعُ أَغْلَفٍ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ غِلَافٌ يَمْنَعُ نُفُوذَ الشَّيْءِ إِلَيْهِ أَيْ إِنَّ قُلُوبَهُمْ لَا يَنْفُذُ إِلَيْهَا شَيْءٌ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ؛ فَهِيَ لَا تُدْرِكُهُ، وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا كَمَا حَكَى اللهُ تَعَالَى عَنِ الْمُشْرِكِينَ: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [41: 5].
وَثَانِيهِمَا: أَنَّهُ جَمْعُ غِلَافٍ (كَكِتَابٍ، وَكُتُبٍ) وَسُكِّنَتِ اللَّامُ فِيهِ كَمَا تُسَكَّنُ فِي الْكُتُبِ، وَالرُّسُلِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا أَوْعِيَةٌ وَغُلْفٌ لِلْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ؛ فَهِيَ لَا تَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ جَدِيدٍ تَسْتَفِيدُهُ مِنَ الرَّسُولِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ.
وَقَدْ رَدَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ هَذَا الزَّعْمَ بِقَوْلِهِ: {بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} أَيْ لَيْسَ مَا وَصَفُوا بِهِ قُلُوبَهُمْ هُوَ الْحَقَّ الْوَاقِعَ. بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ؛ أَيْ كَانَ كُفْرُهُمُ الشَّدِيدُ وَمَا لَهُ مِنَ الْأَثَرِ الْقَبِيحِ فِي أَخْلَاقِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، سَبَبًا لِلطَّبْعِ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَيْ جَعْلِهَا كَالسَّكَّةِ الْمَطْبُوعَةِ، (الدَّرَاهِمِ مَثَلًا) فِي قَسْوَتِهَا، وَتَكَيُّفِهَا بِطَبْعَةٍ خَاصَّةٍ لَا تَقْبَلُ غَيْرَهَا مِنَ النُّقُوشِ؛ فَهُمْ بِجُمُودِهِمْ عَلَى ذَلِكَ الْكُفْرِ التَّقْلِيدِيِّ، وَلَوَازِمِهِ لَا يَنْظُرُونَ فِي شَيْءٍ آخَرَ نَظَرَ اسْتِدْلَالٍ وَاعْتِبَارٍ، وَلَا يَتَأَمَّلُونَ فِيهِ تَأَمُّلَ الْإِخْلَاصِ وَالِاسْتِبْصَارِ، وَإِنَّمَا النَّظَرُ وَالتَّأَمُّلُ مِنَ الْأُمُورِ الْمُمْكِنَةِ الَّتِي يَنَالُهَا كَسْبُهُمْ، وَيَصِلُ إِلَيْهَا اخْتِيَارُهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَخْتَارُونَ إِلَّا مَا أَلِفُوا وَتَعَوَّدُوا، وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ لَمْ يُبْصِرْ، وَمَنْ لَمْ يُبْصِرْ لَمْ يُؤْمِنْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا مِنَ الْإِيمَانِ؛ كَإِيمَانِهِمْ بِمُوسَى وَالتَّوْرَاةِ، وَهُوَ إِيمَانٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى ضَعْفِهِ فِي نَفْسِهِ تَفْرِيقٌ بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا، أَوْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ؛ كَعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، وَأَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ كَانَ.
{وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} إِلَخْ. وَالْمُرَادُ بِالْكُفْرِ هُنَا- كَمَا يَظْهَرُ مِنَ الْقَرِينَةِ- الْكُفْرُ بِعِيسَى؛ وَلِذَلِكَ عَطَفَ عَلَيْهِ بَهْتَ أُمِّهِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) وَهُوَ قَذْفُهَا بِالْفَاحِشَةِ. وَالْبُهْتَانُ: الْكَذِبُ الَّذِي يَبْهَتُ مَنْ يُقَالُ فِيهِ؛ أَيْ يُدْهِشُهُ، وَيُحَيِّرُهُ لِبُعْدِهِ عَنْهُ، وَغَرَابَتِهِ عِنْدَهُ، يُقَالُ: قَالَ فُلَانٌ الْبُهْتَانَ، وَقَوْلُهُ الْبُهْتَانُ، وَقَالَ الزُّورَ، وَفِي حَدِيثِ الْكَبَائِرِ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ. أَلَا وَشَهَادَةُ الزُّورِ، كَمَا يَقُولُ فِي مُقَابِلِهِ: قَالَ الْحَقَّ. قَوْلُهُ الْحَقُّ، وَوَصَفَ الْبُهْتَانَ بِالتَّعْظِيمِ، وَأَيُّ بُهْتَانٍ تُبْهَتُ بِهِ الْعَذْرَاءُ التَّقِيَّةُ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا؟ أَيْ: فَهَذَا الْكُفْرُ وَالْبُهْتَانُ مِنْ أَسْبَابِ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَلَعْنَتِهِ، وَمِنْ تَوَابِعِهِ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلُهُ.
{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ} أَيْ: وَبِسَبَبِ قَوْلِهِمْ هَذَا فَإِنَّهُ قَوْلٌ يُؤْذِنُ بِمُنْتَهَى الْجَرْأَةِ عَلَى الْبَاطِلِ، وَالضَّرَاوَةِ بِارْتِكَابِ الْجَرَائِمِ، وَالِاسْتِهْزَاءِ بِآيَاتِ اللهِ وَرُسُلِهِ. وَوَصْفُهُ هُنَا بِصِفَةِ الرِّسَالَةِ لِلْإِيذَانِ بِتَهَكُّمِهِمْ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِدَعْوَتِهِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ فِيهِمْ، لَا الْأُلُوهِيَّةَ كَمَا تَزْعُمُ النَّصَارَى. عَلَى أَنَّ أَنَاجِيلَهُمْ نَاطِقَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ مُوَحِّدًا لِلَّهِ تَعَالَى مُدَّعِيًا لِلرِّسَالَةِ؛ كَقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ إِنْجِيلِ يُوحَنَّا (3:17 وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الْأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الْإِلَهُ الْحَقِيقِيُّ وَحْدَكَ، وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ).
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: {رَسُولَ اللهِ} مَنْصُوبًا عَلَى الْمَدْحِ، أَوْ الِاخْتِصَاصِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى فَظَاعَةِ عَمَلِهِمْ، وَدَرَجَةِ جَهْلِهِمْ، وَشَنَاعَةِ زَعْمِهِمْ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ مَا قَتَلُوهُ، كَمَا زَعَمُوا تَبَجُّحًا بِالْجَرِيمَةِ، وَمَا صَلَبُوهُ كَمَا ادَّعَوْا وَشَاعَ بَيْنَ النَّاسِ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ أَيْ وَقَعَ لَهُمُ الشُّبْهَةُ أَوِ الشَّبَهُ؛ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ صَلَبُوا عِيسَى، وَإِنَّمَا صَلَبُوا غَيْرَهُ، وَمِثْلُ هَذَا الشَّبَهِ أَوْ الِاشْتِبَاهِ يَقَعُ فِي كُلِّ زَمَانٍ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ قَرِيبًا وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ أَيْ: وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي شَأْنِ عِيسَى مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي شَكٍّ مِنْ حَقِيقَةِ أَمْرِهِ؛ أَيْ فِي حَيْرَةٍ، وَتَرَدُّدٍ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ثَابِتٍ قَطْعِيٍّ. لَكِنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ الظَّنَّ أَيِ الْقَرَائِنَ الَّتِي تُرَجِّحُ بَعْضَ الْآرَاءِ الْخِلَافِيَّةِ عَلَى بَعْضٍ. فَالشَّكُّ الَّذِي هُوَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ شَامِلٌ لِمَجْمُوعِهِمْ، لَا لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِمْ، هَذَا إِذَا كَانَ كَمَا يَقُولُ عُلَمَاءُ الْمَنْطِقِ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِيمَا تَسَاوَى طَرَفَاهُ بِحَيْثُ لَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَالَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الظَّنَّ فِي أَمْرِهِ هُمْ أَفْرَادٌ رَجَّحُوا بَعْضَ مَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ عَلَى بَعْضٍ، بِالْقَرَائِنِ أَوْ بِالْهَوَى وَالْمَيْلِ. وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مَعْنًى اصْطِلَاحِيٌّ لِلشَّكِّ، وَأَمَّا مَعْنَاهُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ، فَهُوَ نَحْوٌ مِنْ مَعْنَى الْجَهْلِ، وَعَدَمِ اسْتِبَانَةِ مَا يَجُولُ فِي الذِّهْنِ مِنَ الْأَمْرِ، قَالَ الرَّكَّاضُ الدَّبِيرِيُّ:
يَشُكُّ عَلَيْكَ الْأَمْرُ مَا دَامَ مُقْبِلًا ** وَتَعْرِفُ مَا فِيهِ إِذَا هُوَ أَدْبَرَا

فَجَعَلَ الْمَعْرِفَةَ فِي مُقَابَلَةِ الشَّكِّ. وَقَالَ ابْنُ الْأَحْمَرِ:
وَأَشْيَاءٌ مِمَّا يَعْطِفُ الْمَرْءَ ذَا النُّهَى ** تَشُكُّ عَلَى قَلْبِي فَمَا أَسْتَبِينُهَا

وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّ الشَّكَّ ضِدُّ الْيَقِينِ. فَهُوَ إذًا يَشْمَلُ الظَّنَّ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَنْطِقِ، وَهُوَ مَا تَرَجَّحَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ. فَالشَّكُّ فِي صَلْبِ الْمَسِيحِ هُوَ التَّرَدُّدُ فِيهِ، أَكَانَ هُوَ الْمَصْلُوبَ، أَمْ غَيْرُهُ! فَبَعْضُ الْمُخْتَلِفِينَ فِي أَمْرِهِ الشَّاكِّينَ فِيهِ يَقُولُ: إِنَّهُ هُوَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِنَّهُ غَيْرُهُ، وَمَا لِأَحَدٍ مِنْهُمَا عِلْمٌ يَقِينِيٌّ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَتَّبِعُونَ الظَّنَّ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَفْسِيرِنَا لَهُ. وَفِي الْأَنَاجِيلِ الْمُعْتَمَدَةِ عِنْدَ النَّصَارَى، أَنَّ الْمَسِيحَ قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: (كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ، فِيَّ، فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ) أَيِ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا لِلْقَتْلِ (مَتَّى 26: 31 وَمُرْقُسُ 14: 27).
فَإِذَا كَانَتْ أَنَاجِيلُهُمْ لَا تَزَالُ نَاطِقَةً بِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ تَلَامِيذَهُ وَأَعْرَفَ النَّاسِ بِهِ يَشُكُّونَ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَخَبَرُهُ صَادِقٌ قَطْعًا، فَهَلْ يُسْتَغْرَبُ اشْتِبَاهُ غَيْرِهِمْ وَشَكُّ مَنْ دُونَهُمْ فِي أَمْرِهِ، وَقَدْ صَارَتْ قِصَّتُهُ رِوَايَةً تَارِيخِيَّةً مُنْقَطِعَةَ الْإِسْنَادِ؟!
{وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} أَيْ وَمَا قَتَلُوا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَتْلًا يَقِينًا، أَوْ مُتَيَقِّنِينَ أَنَّهُ هُوَ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهُ حَقَّ الْمَعْرِفَةِ، وَهَذِهِ الْأَنَاجِيلُ الْمُعْتَمَدَةُ، عِنْدَ النَّصَارَى، تُصَرِّحُ بِأَنَّ الَّذِي أَسْلَمَهُ إِلَى الْجُنْدِ هُوَ يَهُوذَا الْإِسْخَرْيُوطِيُّ، وَأَنَّهُ جَعَلَ لَهُمْ عَلَامَةً: أَنَّ مَنْ قَبَّلَهُ يَكُونُ هُوَ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، فَلَمَّا قَبَّلَهُ قَبَضُوا عَلَيْهِ. وَأَمَّا إِنْجِيلُ بِرْنَابَا فَيُصَرِّحُ بِأَنَّ الْجُنُودَ أَخَذُوا يَهُوذَا الْإِسْخَرْيُوطِيَّ نَفْسَهُ ظَنًّا أَنَّهُ الْمَسِيحُ؛ لِأَنَّهُ أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهُهُ. فَالَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ هُوَ أَنَّ الْجُنُودَ مَا كَانُوا يَعْرِفُونَ شَخْصَ الْمَسِيحِ مَعْرِفَةً يَقِينِيَّةً. وَقِيلَ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} لِلْعِلْمِ الَّذِي نَفَاهُ عَنْهُمْ، وَالْمَعْنَى: مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ لَكِنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ الظَّنَّ، وَمَا قَتَلُوا الْعِلْمَ يَقِينًا وَتَثْبِيتًا بِهِ. بَلْ رَضُوا بِتِلْكَ الظُّنُونِ الَّتِي يَتَخَبَّطُونَ بِهَا، يُقَالُ: قَتَلْتُ الشَّيْءَ عِلْمًا وَخَبَرًا، كَمَا فِي الْأَسَاسِ، إِذَا أَحَطْتَ بِهِ وَاسْتَوْلَيْتَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يُنَازِعَ ذِهْنَكَ مِنْهُ اضْطِرَابٌ وَلَا ارْتِيَابٌ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الظَّنِّ الَّذِي يَتَّبِعُونَهُ قَالَ: (لَمْ يَقْتُلُوا ظَنَّهُمْ يَقِينًا) رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ؛ أَيْ أَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ ظَنًّا غَيْرَ مُمَحَّصٍ، وَلَا مُوَفًّى أَسْبَابَ التَّرْجِيحِ وَالْحُكْمِ الَّتِي تُوَصِّلُ إِلَى الْعِلْمِ، وَقَدِ اخْتَلَفَتْ رِوَايَةُ الْمُفَسِّرِينَ بِالْمَأْثُورِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ عُمْدَتَهُمْ فِيهَا النَّقْلُ عَمَّنْ أَسْلَمَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَهَؤُلَاءِ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ يَقِينِيٍّ. وَلَكِنَّ الرِّوَايَاتِ عَنْهُمْ تَشْتَمِلُ عَلَى نَحْوِ مَا عِنْدَ النَّصَارَى مِنْ مُقَدَّمَاتِ الْقِصَّةِ؛ كَجَمْعِ الْمَسِيحِ لِحَوَارِيِّيهِ (أَوْ تَلَامِيذِهِ) وَخِدْمَتِهِ إِيَّاهُمْ، وَغَسْلِهِ لِأَرْجُلِهِمْ، وَقَوْلِهِ لِبَعْضِهِمْ: إِنَّهُ يُنْكِرُهُ قَبْلَ صِيَاحِ الدِّيكِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَمِنْ بَيْعِهِ بِدَلَالَةِ أَعْدَائِهِ عَلَيْهِ، فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ قَلِيلٍ، وَكَوْنِ الدِّلَالَةِ عَلَيْهِ كَانَتْ بِتَقْبِيلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ.
وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إِنَّ شَبَهَهُ أُلْقِيَ عَلَى مَنْ دَلَّهُمْ عَلَيْهِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: بَلْ أُلْقِيَ شَبَهُهُ عَلَى جَمِيعِ مَنْ كَانُوا مَعَهُ، وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ الْقَوْلَيْنِ عَنْ وَهَبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَمِيعَ رِوَايَاتِ الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، نَجَا مِنْ أَيْدِي مُرِيدِي قَتْلِهِ، فَقَتَلُوا آخَرَ ظَانِّينَ أَنَّهُ هُوَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ، تَعَالَى: {بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ} فَقَدْ سَبَقَ نَظِيرُهُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [3: 55] رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَفْسِيرُ التَّوَفِّي هُنَا بِالْإِمَاتَةِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ تَفْسِيرُهَا بِأَصْلِ مَعْنَاهَا، وَهُوَ الْأَخْذُ وَالْقَبْضُ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ وَمِنَ الرَّفْعِ إِنْقَاذُهُ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعِنَايَةٍ مِنَ اللهِ الَّذِي اصْطَفَاهُ وَقَرَّبَهُ إِلَيْهِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فَرَفْعُهُ إِيَّاهُ: تَوَفِّيهِ إِيَّاهُ وَتَطْهِيرُهُ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ: لَيْسَ الْمُرَادُ الرَّفْعَ إِلَى السَّمَاءِ، لَا بِالرُّوحِ وَالْجَسَدِ، وَلَا بِالرُّوحِ فَقَطْ.
وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّوَفِّيَ: الْإِمَاتَةُ، لَا يَظْهَرُ لِلرَّفْعِ مَعْنًى إِلَّا رَفْعُ الرُّوحِ، وَالْمَشْهُورُ بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ، أَنَّ اللهَ تَعَالَى رَفَعَهُ بِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى هَذَا بِحَدِيثِ الْمِعْرَاجِ؛ إِذْ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَآهُ هُوَ وَابْنَ خَالَتِهِ يَحْيَى فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رُفِعَ بِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ، لَدَلَّ أَيْضًا عَلَى رَفْعِ يَحْيَى وَسَائِرِ مَنْ رَآهُمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فِي سَائِرِ السَّمَاوَاتِ، وَلَمْ يَقُلْ بِهَذَا أَحَدٌ.
وَذَكَرَ الرَّازِيُّ أَنَّ الْمُشَبِّهَةَ يَسْتَدِلُّونَ بِالْآيَةِ عَلَى إِثْبَاتِ الْمَكَانِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَذَكَرَ لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ وُجُوهًا؛ مِنْهَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِ رَافِعُكَ إِلَيَّ إِلَى مَحَلِّ كَرَامَتِي، وَجَعَلَ ذَلِكَ رَفْعًا لِلتَّفْخِيمِ، وَالتَّعْظِيمِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي} [37: 99] وَإِنَّمَا ذَهَبَ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّامِ. (وَمِنْهَا): أَنَّ الْمُرَادَ رَفَعُهُ إِلَى مَكَانٍ لَا يَمْلِكُ فِيهِ عَلَيْهِ غَيْرُ اللهِ.
وَقَدْ فَسَّرْنَا آيَةَ آلِ عِمْرَانَ فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ، وَذَكَرْنَا مَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِيهَا، وَفِي مَسْأَلَةِ نُزُولِ عِيسَى فِي آخِرِ الزَّمَانِ، كَمَا وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ، وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الْبَاحِثِينَ مَا أَوْرَدْنَاهُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى تَمْحِيصٍ وَبَيَانٍ، لَيْسَ التَّفْسِيرُ بِمَحَلٍّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يُثْبِتْ لَنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ.
{وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} فَبِعِزَّتِهِ، وَهِيَ كَوْنُهُ يَقْهَرُ وَلَا يُقْهَرُ، وَيَغْلِبُ وَلَا يُغْلَبُ، أَنْقَذَ عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مِنَ الْيَهُودِ الْمَاكِرِينَ وَالرُّومِ الْحَاكِمِينَ، وَبِحِكْمَتِهِ جَزَى كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، فَأَحَلَّ بِالْيَهُودِ مَا أَحَلَّ بِهِمْ، وَسَيُوَفِّيهِمْ جَزَاءَهُمْ فِي الْآخِرَةِ.
{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} أَيْ: وَمَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَحَدٌ {إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} أَيْ: لَيُؤْمِنَنَّ بِعِيسَى إِيمَانًا صَحِيحًا، وَهُوَ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، وَآيَتُهُ لِلنَّاسِ {قَبْلَ مَوْتِهِ} أَيْ قَبْلَ مَوْتِ ذَلِكَ الْأَحَدِ الَّذِي هُوَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَيُفِيدُ الْعُمُومَ. وَحَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، عِنْدَمَا يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ يَنْكَشِفُ لَهُ الْحَقُّ فِي أَمْرِ عِيسَى وَغَيْرِهِ مِنْ أَمْرِ الْإِيمَانِ فَيُؤْمِنُ بِعِيسَى إِيمَانًا صَحِيحًا؛ فَالْيَهُودِيُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولٌ صَادِقٌ غَيْرُ دَعِيٍّ وَلَا كَذَّابٍ، وَالنَّصْرَانِيُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فَلَا هُوَ إِلَهٌ، وَلَا ابْنُ اللهِ.
{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ بِمَا تَظْهَرُ بِهِ حَقِيقَةُ أَمْرِهِ مَعَهُمْ، وَمِنْهُ مَا حَكَاهُ اللهُ عَنْهُ فِي آخِرِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [5: 117] وَقَدْ يَشْهَدُ لِلْمُؤْمِنِ مِنْهُمْ، فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ وَالتَّكْلِيفِ، بِإِيمَانِهِ، وَعَلَى الْكَافِرِ بِكُفْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَبْعُوثٌ إِلَيْهِمْ، وَكُلُّ نَبِيٍّ شَهِيدٌ عَلَى قَوْمِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [4: 41] وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يُؤْمِنُ بِعِيسَى قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عِيسَى لَمَّا يَمُتْ، وَأَنَّهُ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ قَبْلَ وَفَاتِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ أَوَّلُوا قَوْلَهَ تَعَالَى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [3: 55] وَهُمْ عَلَى هَذَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تَأْوِيلِ النَّفْيِ الْعَامِّ هُنَا بِتَخْصِيصِهِ بِمَنْ يَكُونُ مِنْهُمْ حَيًّا عِنْدَ نُزُولِهِ، فَيَقُولُونَ: الْمَعْنَى: وَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَنْزِلُ الْمَسِيحُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ، وَيَتْبَعَنَّهُ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنَ الْآيَةِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ، وَهَذَا التَّخْصِيصُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى شَيْءٍ لَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ حَتَّى يَكُونَ قَرِينَةً لَهُ، وَالْأَخْبَارُ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهِ لَمْ تَرِدْ مُفَسِّرَةً لِلْآيَةِ.